(أولاً) البلوغ العام: هو مثل أن يسمع إنسانٌ أنّ الله أرسل رسولاً يدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له والكفر بما يُعبدُ من دون الله .. أي: هو بلوغ الدعوة إلى الإيمان بأصل الدِّين الذي هو مقتضى الشهادتين إلى إنسان عاقلٍ .. فمن بلغه ذلك فقد بلغه البلوغ العام، فإن كان قد آمن بذلك ظاهراً وباطناً كان مؤمناً بالله، وإن مات دخل الجنّة. وإن كان آمن بذلك ظاهراً دون باطنه حُقن دمُه في الدنيا وكان في الدرك الأسفل من النار في الآخرة. والدليل أنّ الناس في ابتداء دعوة الإسلام كانوا يدخلون في الإسلام والإيمان قبل نزول الفرائض كالصلوات الخمس والزكاة المفروضة المعلومة بأنصبتها وصيام رمضان والحجّ والجهاد.
(ثانياً) البلوغ الخاص: هو بلوغ تفاصيل الشريعة كالواجبات والمحرّمات لإنسانٍ، فإن المسلم لا يكون آثماً بعدم بلوغ التفاصيل الشرعية إليه بعد إيمانه بالله ورسوله، وبراءته من الشرك وأهله. ومن بلغته التكاليف فانقاد لله ازداد إيمانه ويقينه. ومن بلغتْهُ التكاليف فأنكرها وردَّ على الرّسول ما جاء به كان كافراً مرتدّاً خالداً في النار.
ومن القواعد الأصولية أنّه لا بُدّ للتكليف من أمرين: "التمكُّن من العلم، والقُدرة على العمل". فمن لم تبلغه التكاليف لا يأثم لعدم علمه، كما قال تعالى: ﴿فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: 275].